لاتكذبوا فكلكم عنصريون
كتب هادي جلو مرعي
في القرن الرابع الهجري، وقبل ظهور أمريكا التي أبيد سكانها الأصليون على يد البيض الذين جاءوا بالسود قسرا من أدغال افريقيا ليستعبدوهم. قبل ذلك كله هتف المتنبي شاعر العرب الأكبر، ولمجرد الغضب من حاكم مصر كافور الإخشيدي قائلا:
لاتشتر العبد إلا والعصا معه
إن العبيد لأنجاس مناكيد
من علم الأسود المخصي مكرمة
أقومه البيض أم أجداده الصيد
وهذه القصيدة من روائع مانظم أبو الطيب، ولكنها تتضمن وحشية عالية، وغطرسة مقيتة فقد قصد بها الإخشيدي، ولكنها مضت كالسوط تلفع ظهور السود المساكين، فهي مثل رجل ابيض لكنه قذر لايستحم، ولايستخدم الماء في تنظيف جسده بعد التغوط.
التمييز العنصري سيء للغاية، ومكروه، ويشير الى وحشية الإنسان، وتنمره عبر التاريخ، وشعوره بالتميز والتفوق، سواء على أساس عرقي، أو ديني، او جنسي، او على أساس لون البشرة الأكثر شيوعا، وقد عانى منه المواطنون الأفارقة الذين نقلوا بالقوة الى العالم الجديد، أو الذين غادروا القارة في موجات هجرة متتالية، وتحولت العلاقة بينهم وبقية الأعراق الى علاقة تمايز، ودونية، وإستعلاء. فيظن الأبيض إن قتل الأسود ليس أكثر من ممارسة يمكن أن يقوم بها، ثم يمضي في حال سبيله.
الرئيس السابق باراك أوباما الذي ينحدر من قرية قرب نيروبي عاصمة كينيا شارك في التظاهرات ضد العنف المتصاعد ضد السود والأقليات في الولايات المتحدة في إشارة الى عدم القدرة على التحمل حيث تتكرر حوادث قتل السود في ولايات عدة على يد عناصر الشرطة، ومازاد الطين بلة تصريحات الرئيس دونالد ترامب الذي لم يتصرف كرئيس دولة، بل كزعيم عصابة، أو كقائد مجموعة عرقية تشعر بالتفوق، فأخذ يهدد ويتوعد، وهو ماأكده المرشح الديمقراطي للإنتخابات الرئاسية المقبلة جو بايدن الذي نوه الى حاجة أمريكا لرئيس لكل الأمريكيين.
لاداع لإظهار التعاطف مع السود بطريقة منافقة فمن لديه إستعداد في العالم العربي، وحتى بالنسبة للمسلمين الذين حارب دينهم الرق والتمييز على اساس اللون أن يزوج إبنته لرجل ذي بشرة سوداء وهو الأمر الذي يضطرب في أوربا وأمريكا وكندا وغيرها من دول تتباهى الشقراء فيها بممارسة الجنس مع الشبان السود، ولكن رجال الشرطة البيض لايترددون في قتل هولاء الشبان.
العالم كله يعاني من مشكلة التمييز ولكنه منشغل بها في امريكا لأن ممارستها هناك فاضحة للغاية، وممنهجة، وعلى نطاق واسع، وهي ثقافة راسخة، لكنها في أوربا تتشكل، وتزداد حدة مع ظهور بوادر مواجهة من قبل جماعات تحارب التمييز، وترفض التفوق العنصري، لكن لايمكن تحديد ملامح المرحلة المقبلة إلا بعد أن تنجلي إحتجاجات السود الذين فجر مقتل جورج فلويد غضبهم.
أضف تعليق